تعرف الساحة التربوية في الآونة الأخيرة تزايد حوادث العنف ضد الأطر التربوية من طرف التلاميذ، خصوصا بعد الانتشار الواسع لواقعة الاعتداء على أستاذ ورززات داخل الفصل الدراسي على يد تلميذه أمام مرأى ومسمع من باقي التلاميذ. كما أن جل التلاميذ المستجوبين سواء المنتمون منهم للثانوية التأهيلية التي شهدت الواقعة بورززات أو الذين يدرسون بمؤسسات مختلفة بالمغرب، عبروا عن تضامنهم مع زملائهم المعنفين (بكسر النون) لأساتذتهم. بل إن منهم من اعتبرهم أبطالا استطاعوا "ردع" بعض الأساتذة الذين قالوا بأنهم يستحقون الضرب، معتبرين أن واقعة ورززات ستكون عبرة لباقي الأساتذة.
في هذا الصدد، أعتقد أنه لا ينبغي على الأطر التربوية الانسياق وراء العاطفة والتأثير الإعلامي للاصطفاف في مواجهة التلاميذ الذين يفترض أنهم أبناؤنا وبناتنا و من مسؤوليتنا جميعا تعليمهم و تربيتهم. إن المشهد الحالي، خصوصا، بعد قرار خوض إضراب لمدة يومين ردا على هذه الاعتداءات، يعطي انطباعا بأن هناك مواجهة بين طرفين غير متكافئين ومن المفترض أن تربط بينهما علاقة تربوية سليمة: الطرف الأول المتمثل في الأساتذة والأطر الإدارية للمؤسسات التعليمية الذين يعتبرون أنفسهم ضحايا ومستهدفين من طرف التلاميذ و الوزارة و المجتمع، و الطرف الثاني المتمثل في المتعلمين و المتعلمات.
من المعلوم أن اللجوء إلى الإضراب يكون بغرض الحصول على مكاسب يرتبط تحقيقها بقرار الإدارة أو الجهة الوصية على القطاع. لكن الأمر هنا مختلف تماما، فلا يمكن اعتبار إنهاء العنف بالمؤسسات التعليمية مطلبا قابلا للتحقق بين عشية وضحاها بمجرد الضغط على الوزارة و المجتمع باستعمال ورقة الإضراب. لذا، فإن الرسالة التي يمكن إيصالها عن طريق هذا الشكل الاحتجاجي هي التعبير عن الغضب ودعوة الجهات الوصية إلى إيجاد الحلول لظاهرة الغياب بإشراك جميع المتدخلين في التربية بمن فيهم رجال و نساء التعليم. وأرى أن يوما واحدا كاف لتحقيق ذلك.
إن حل إشكالية العنف بالأوساط التعليمية ينبغي أن يكون شموليا و بانخراط كافة الجهات المعنية بالشأن التعليمي والتربوي، وفي ما يأتي بعض الحلول المقترحة:
- تصدي الدولة لتداول كافة أنواع المخدرات وسط الشباب خصوصا بالمؤسسات التعليمية و محيطها. في هذا الإطار، يتعين تفعيل الشرطة المدرسية لحماية محيط المؤسسات التعليمية من مختلف مظاهر العنف والإجرام.
- تمكين المؤسسات التعليمية من الوسائل القانونية و التربوية و المادية حتى تؤدي رسالتها التربوية على أكمل وجه.
- تكريم الأطر التربوية و الاحتفاء بهم في وسائل الإعلام.
- تمكين الأطر التربوية و الإدارية من تكوين أساس، و تنظيم دورات تكوينية حول أساليب التعامل مع التلاميذ خصوصا فئة المراهقين و ذوي السلوك غير الحسن.
- إعطاء الصلاحية لمجالس المؤسسة في اتخاذ العقوبات التأديبية المناسبة في حق التلاميذ المخالفين للقوانين الداخلية لمؤسساتهم التعليمة. هذه العقوبات ينبغي أن تكون ذات أبعاد تربوية بالدرجة الأولى ما لم يتم تجاوز الخطوط الحمراء المتمثلة خصوصا في الاعتداء اللفظي و الجسدي على الأطر التربوية و الإدارية.
- تفعيل أنشطة الحياة المدرسية حتى يتمكن التلاميذ من الاستثمار الأمثل لطاقاتهم الفكرية و الجسمية من خلال أنشطة النوادي البيئية و نوادي المسرح المدرسي و الرياضة المدرسية و الأنشطة الثقافية و الفنية و الترفيهية.
- التفكير في أساليب تربوية لاحتواء ظاهرة العنف حسب خصوصيات كل مؤسسة تعلمية ووسطها الاجتماعي.
- مصاحبة التلاميذ و تعرف خصوصياتهم و حاجياتهم النفسية و تجنب التصرفات المهينة والعبارات الجارحة للكرامة، ومعاملتهم جميها معاملة قوامها الثقة و المحبة والاحترام المتبادل.
-----
بقلم ذ محمد يعزة - مفتش تربوي
Commentaires
Enregistrer un commentaire
Merci pour le commentaire