Accéder au contenu principal

النفاق بعبق الثورة والثروة







كلما أحس النظام العسكري بالجزائر بتداعيات تخبطه السياسي، خاصة على مستوى تكريس عزلته الدولية،والغموض الكبير الذي يكتنف الوضع السياسي الذي يعيشهالبلد، إلا وسارع إلى إرسال مبعوثيه باسم السيد الرئيس إلى عواصم العالم حاملين رسائل تبرر كيف أن الجزائر تسبح ضد التيار.


آخر فصول هذا المشهد، هو زيارة المبعوث الجزائري إلى السعودية من أجل تبرير المواقف المعاكسة التي تأخذها الجزائر، وذلك بشأن عدد من القضايا المطروحة على الساحتين العربية الإقليمية. وإذا كان من حق النظام داخل الجزائر اتخاذ ما يراه مناسبا على المستوى الخارجي، فإن ما يثير الحيرة هو التبريرين اللذين قدمهما المبعوث الجزائري للعاهل السعودي للمواقف المعاكسة. المبرر الأول هو"موروثها التاريخي منذ الثورة التحريرية القاضي بعدم التدخل في الشأن الداخلي لغيرها من البلدان". أما المبرر الثاني فهو"دساتيرها التي تحظر على قواتها المسلحة أن تتخطى حدود البلاد". وجه الحيرة أن النظام نفسه، بعيد إرسال المبعوث إلى السعودية، استقبل رئيس حكومته ممثلا عن انفصاليي جبهة البولسياريو في استفزاز جديد للوحدة الترابية للجارة المغرب. فأين هي المقتضيات الدستورية أيها المبعوث الخاص، وأين الموروث التاريخي للثورة التحريرية.


أياما قليلة بعد ذلك، صرح الرئيس الجزائري في رسالة وجهها إلى الشعب الجزائري بمناسبة إحياء ذكرى اليوم الوطني للمجاهد " تضامن شعبنا الأبي مع أشقائه في المملكة المغربية، مؤكدا في هذا السياق باسم الشعب الجزائري تمسك الجزائر بمشروع بناء صرح المغرب العربي في كنف الوفاء لتلك القيم السامية التي جمعتنا إبان مكافحتنا للاستعمار قيم الحق و الحرية و الوحدة و التقدم المشترك"، فأين هي الوحدة، وأين هو التقدم المشترك في ظل السياسة العدائية للنظام العسكري تجاه المغرب لمعاكسة وحدته الترابية ...قمة النفاق السياسي.


وحتى مع هؤلاء الإنفصاليين أنفسهم، تبدو مظاهر النفاق بارزة، فخلف ستار دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، تقف النوايا الحقيقية التي لم تتجرأ جزائر العسكر في الإفصاح عنها، خاصة رغبتها التوسعية والهيمنة الإستراتيجية على منطقة المغرب الكبير. وحينما بلغ النفاق ذروته، اقترحوا تقسيم الصحراء مع المغرب...فأين تلك الشعارات الفارغة لحماية الشعوب...قمة النفاق السياسي.


وحتى مع أولئك المحتجزين الذين يزعمون كونهم شعبا يدعون مساندته في تقرير مصيره، يمارس عليه نظام العسكر أبشع مظاهر الظلم والاستبداد، ويحرمونه من أبسط حقوقه وهو الحق في الوجود والإحصاء، كما يمارسون عليه أبشع القمع والتعذيب حينما يقرر التعبير عن رأيــــــه في خرق لكل المواثيق ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية.


وحتى مع مؤسسات حقوق الإنسان نفسها، يمارس النفاق باسم الدعم المالي لهذه المؤسسات بأبشع صوره، وذلك حتى تتغاضي عن الوضع الحقوقي داخل الجزائر نفسها، وتتغاضى عن الوضع المأساوي داخل مخيمات الرق والإستعباد، وتصدر في المقابل، تقارير حول حقوق الإنسان بالمغرب وخاصة داخل أقاليمه الجنوبية التي هي أفضل حالا من كبرى مدن الجزائر، للتأثير على صورة المغرب لدى الدول الغربية.


وحتى مع الدول الغربية نفسها، يمارس النظام قمة النفاق الدولي، ففي الوقت الدين يطبل فيه النظام أن الجزائر تحارب الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء لمنع وصوله إلى أوربا، فضحت التسريبات الأخيرة كل المغالطات التي تسوق لها الجزائر، مما جعلها في موقف حرج تجاه المنتظم الدولي وخاصة بعض الدول الإفريقية التي باتت المخابرات الجزائربة تعبث بنظامها القومي.


وحتى مع الدول الإفريقية، يمارس النفاق بوجه آخرتحت مظلة منظمة إقليمية ساهم المغرب فعليا في إرساء دعائمها، فأصبح النظام الجزائري يبذل إمكانيات مالية هائلة، قصد ضمان ولاء بعض الدول داخل المنظمةمن أجل ضمان مقعد الكيان الوهمي داخل المنظمة الإفريقية، كما تبذل الإمكانيات ذاتها داخل ردهات الأمم المتحدة.


وحتى داخل ردهات الأمم المتحدة، أصيب السيد بان كي مون بعدوى النفاق الجزائري، فأصبح الرجل يمارس مهامه الدولية التي توشك على الإنتهاء، وفق نزوات داخلية ونزلات نفسية ستقود المنظمة إلى نتائج لا تحمد عقباه، ومهما كان عبق النفاق الذي مارسه النظام الجزائري على المسؤول الأممي، فيبقى النفاق هو العنوان الأبرز.


بعد القمة الخليجية-الأمريكية التي أدرجت مسألة ضمان الوحدة الترابية للمغرب ضمن جدول أعمالها، بدا واضحا لماذا سارع النظام إلى ممارسة النفاق مع المملكة السعودية الشقيقة هذه المرة بعبق الثورة. واقع النفاق الذي أصبح يعيشه النظام الجزائري أصبح مزمنا، ويعبر في شق كبير منه عن حالة من التخبط السياسي على المستوى الداخلي. فعندما يسوق النظام للشعب الجزائري الشقيق، أن الرئيس الحالي هو الذي يحكم البلاد، وهو الذي يرسل مبعوثيه إلى دول العالم، وهو الذي يدعو إلى تعديل الدستور، وهو الذي يعفي جنرالات ويعين آخرين، فإن وضعا كهذا، يجعل حكم البلاد قائما برمته على النفاق السياسي من أصبعه إلى أخمص قدميه. وحتى يصدق المواطن الجزائري بدوره كل أوجه النفاق هاته، يشهر النظام الجزائري ورقة العشرية السوداء حتى ينصهر المواطن الجزائري مع واقع النفاق المؤسساتي.


وبالتالي، فقد بدا وكـأن النفاق داخل الجزائر يستمد مشروعيته من عنصرين رئيسين : الثروة و الثروة، وذلك حسب الظروف المحيطة بالسياق العام لممارسة النفاق، حيث يكفي تحويل مكان الراء. فحينما يتعلق الأمر بجهات انتهازية، فإن الراء تكون بعد الواو، وحينما يتعلق الأمر بجهات ذات مصداقية كما كان الحال مع المملكة السعودية الشقيقية، فإن الواو تتحول قبل الراء. وربما في الوضع الراهن الذي أصبحت تعيشه الجزائر خاصة مع بداية إغلاق أولى محطاتها النفطية، ستضطر إلى استعمال الواو كثيرا قبل الراء، أي ستمارس النفاق بعبق التاريخ والثورة. لكن الدول اليوم، المتقدمة منها والمتخلفة، الغنية منها و الفقيرة، لم تعد تؤمن كثيرا بالتاريخ، فالجميع لا يتحدث سوى لغة المصالح المشتركة.


طبعا، النفاق الذي طرحناه يبقى شأنا داخليا للنظام الجزائري، لكن حين يشكل هذا النفاق، أداة تدميرية للوحدة الترابية لبلد جار، فيجب فضح هذا النفاق. أولا أمام الشعب الجزائري الشقيق، ثانيا أمام المنتظم الدولي بكافة مكوناته، ثالثا وأخيرا أمام أولئك المغرر بهم، سواء مايصطلح عليهمبالقادة الورقيين أو أولئك الذين أريد لهم أن يكونوا عاجزين لاحول لهم ولا قوة، في حين أن الوضع أصبح مواتيا، أكثر من أي وقت مضى، لتكون لكل كلمة الفصل.


[email protected]

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

مدخل إلى علوم التربية

لا أحد من الدارسين يستطيع أن ينكر أن التربية كممارسة سلوكية عرفت وجودها مع وجود الحياة.فالمهتمون بالدراسات الإنسانية عامة، و بتاريخ الفكر التربوي خاصة،يشيرون إلى أن التربية قد مورست،و بشكل تلقائي،منذ العصور التاريخية الأولى. و الأكيد أنه مع تطور وضع الإنسان فكريا و اجتماعيا، و تبدّل حياة المجتمعات عبر التاريخ،تطورت التربية،فتبدل مفهومها و تغيرت أسسها و قواعدها، و تبدلت نتيجة لذلك الآراء التي تشكلت حول الأطفال،و الأساليب التي ينبغي اتباعها لتربيته و تكوينه بما يغطي مختلف نواحي شخصيته... و كلّ هذا سيعرف بالطبع انعكاسا ملحوظا على معنى التربية و مفهومها،إذ سيعرف هذا المفهوم بدوره عدة تسميات، كلّ واحدة منها تعكس في الأصل فهما و معنى خاصين لعلوم التربية.

نظريات التعلم

نظريات التعلم   حنافي جواد النَّظرية: هيَ عبارةٌ عن مجموعة من البناءات والافتراضات المترابطة التي توضح العلاقات القائمة بين عددٍ من المتغيرات وتهدف إلى تفسير ظاهرة والتنبؤ بها. (تعريف كيرلنجر- Kerlinger ). نظريات التعلم: نظريات التعلم والتعليم هي مجموعة من النظريات التي تم وضعها في بدايات القرن العشرين الميلادي وبقي العمل على تطويرها حتى وقتنا الراهن وأول المدارس الفلسفية التي اهتمت بنظريات التعلم والتعليم كانت المدرسة السلوكية رغم أن بوادر نظريات مشابهة بُدأ العمل بها في المرحلة ما قبل السلوكية. [1]

البيداغوجيا الفارقية وتقنيات التنشيط

البيداغوجيا الفارقية وتقنيات التنشيط قبل البدء:     لن يكون البدء إطنابا في البيداغوجيا الفارقية، بقدر ما سيكون رَمُّوزًا لمنبعها ولأهميتها في التربية والتعليم. ذلك أن الفروق الفردية تنبع من طبيعة الاختلاف الذي أوجده الله تعالى في البشر، ونوعه في الطاقة والتحمل والاستيعاب والقدرات التحصيلية والأدائية والتواصلية للفرد، وهو اختلاف طبيعي و مكتسب في آن واحد؛ فالطبيعي يعود إلى طبيعة وبنية الفرد البيولوجية، وفسيولوجية هذه الطبيعة وتلك البنية، ومدى إمكاناتها الطبيعية في أداء وظيفتها على الوجه الأكمل. في حين المكتسب من الفروق الفردية يعود إلى التنشئة الاجتماعية والثقافية والحالة المادية والمعنوية للفرد كما للمجتمع والأسرة، ولست في حاجة إلى تعداد نماذج من هذه الفروق، فيكفي مثلا أن الفرد الذي يعيش في أسرة ميسورة ومثقفة ومنفتحة على محيطها الاجتماعي... غير الفرد الذي يعيش في أسرة على نقيض الأولى، فتم فروق فردية تظهر في مستوى التواصل وطريقة التفكير وتمثل العالم الداخلي للفرد و العالم الخارجي عنه.
');
?orderby=published&alt=json-in-script&callback=mythumb\"><\/script>");

صور فليكر

احدث المواضيع